ندوات ومؤتمرات

إنطلاق فعاليات الندوة العلمية الدولية

إنطلاق فعاليات الندوة العلمية الدولية

برعاية سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، ناقش منتدون أردنيون وعرب وأتراك في ندوة علمية حملت عنوان “مرور مئة عام على معاهدة لوزان الثانية (1923-2023) .. نحو شرق أوسط آمن”، اليوم الثلاثاء في منتدى الفكر العربي بعمان، أسباب وحيثيات المعاهدة وبنودها وتداعياتها، واستشراف الحاضر والمستقبل من خلالها للمنطقة.

وفي الندوة التي دعت إليها وقامت بتنظيمها جمعية المؤرخين الأردنيين بالتعاون مع منتدىالفكر العربي ومركز التوثيق الملكي الأردني ومركز يونس إمره الثقافي التركي، استهل جلستها الافتتاحية المكلف بأعمال أمين عام المنتدى ايمن المفلح قائلا” لا شك أن ندوتنا اليوم حول مرور مئة عام على معاهدة لوزان الثانية نحو شرق أوسط آمن تشكل حلقة مهمة في حاضر ومستقبل العلاقات التركية الأردنية عبر مئة عام على المعاهدة”، لافتا إلى أن التحديات التي تواجهها دول المنطقة ليست مقتصرة فقط على التهديدات الأمنية ولكنها تحديات إنسانية عامة. وأشار المفلح إلى أنه من هذه التحديات قضايا الهجرة واللجوء والفقر والتنمية والعدالة وحقوق الإنسان والأمن الغذائي والبيئي وغيرها من القضايا التي تؤثر على حياة البشر، مبينا انه من هنا تكمن أهمية هذه الندوة التي تهدف الى تعزيز الحوار والتعاون. وقال إن التاريخ المشترك والمستقبل المرتقب يمكن أن يوفران فرصة لتعميق العلاقات والشراكة، داعيا الى العمل معا لتحقيق رؤية شرق أوسط يسوده السلام والازدهار للأجيال الحالية والقادمة. كما دعا الى ضرورة التعلم من التاريخ والتركيز على تعزيز التعاون الإقليمي وبناء علاقات قوية تحترم السيادة الوطنية وتتقاسم المسؤولية على الأمن والتنمية في الشرق الأوسط.

وقال السفير التركي لدى الأردن إردم أوزان في كلمته بالجلسة الافتتاحية إنه بمناسبة مرور مئة عام على المعاهدة ستتطرق الندوة الى عدة جوانب ومنها التفكير في التاريخ المشترك بين الأتراك والعرب وتقييم التحديات القائمة والمحتملة ووضع تصور لمستقبل من التعاون والتفاهم ، ولفت الى أن المعاهدة شكلت لحظة محورية إيجابية في تاريخ تركيا حيث قامت بإنهاء بقايا الآثار المدمرة للحرب العالمية الأولى وحرب الاستقلال التركية، منوها بأنها عادت بعدة إيجابيات ومنها حدود جديدة للجمهورية التركية ما مهد الطريق للاستقرار والأمن في المنطقة . وأشار السفير اوزان إلى أنه على مر التاريخ تقاسمت تركيا والدول العربية روابط عميقة الجذور تشمل القرب الجغرافي، والثقافي والديني والتاريخي. وقال أنه انطلاقا من روح الشراكة بين الأتراك والعرب ستواصل تركيا السعي لتعزيز التعاون المتجدد بين تركيا والأقطار العربية ولا سيما الأردن، لافتا إلى أن القيم المشتركة والتطلعات والتحديات تخلق أساسا متينا لتعميق وتعزيز التعاون في مختلف المجالات. ولفت إلى أن الجهود المشتركة يمكن أن تؤدي دورا محوريا في النهوض بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط من خلال الحوار والاحترام المتبادل. وأكد على الأهمية القصوى للعلاقات الدائمة والبناءة بين تركيا والأردن، منوها بالتاريخ الطويل من الصداقة والتعاون والذي اثبت أنه ليس مفيدا للبلدين وحسب بل للمنطقة بشكل أوسع أيضا.

وألقى رئيس جمعية المؤرخين الأردنيين الأستاذ الدكتور غالب عربيات كلمة قال فيها؛ إن هذه الندوة تستحضر الحرب العالمية الأولى، وما بعدها وما جرته من ويلات ودمار وخراب على المنطقة والإقليم. وقال أن هذه الندوة تبحث في كيفية خلق بيئة آمنة للحوار وإدامته في الشرق الأوسط، وفتح أفاقٍ رحبةٍ لرؤية شرقِ أوسط آمن يخلو من النزاعات والصراعات، كما تسعى إلى ايجاد حلول عملية في الإقليم الشائك والملتهب والمعقد؛ في ظل قيود صارمة وخطيرة أفرزتها معاهدة لوزان الثانية، وعبر مئويتها الأولى لتكون عوناً وهادياً لدول المنطقة، وسلوكهم السياسي المنتظر!.
أما غايات هذه الندوة بحسب رئيس جمعية المؤرخين الأردنين الأستاذ الدكتور غالب عربيات فتنحصر في الوصول إلى: شراكة حقيقية في مجابهة الأخطار التي تحيط بالإقليم، وحشد المزيد من التطلع والطموح، والإرادة، والالتزام السياسي؛ في ظل المعطيات والعوامل والمتغيرات الدولية، والإقليمية التي نعيشها، بما يعود بالنفع على الإقليم وعلى شعوب المنطقة. لكي لا يبقى سؤال الحدائة قائماً لنتسائل بعد قرن من الزمان هل أصبح العيش في الإقليم ضبابياً، أم مؤجلاً، أم مستحيلاً.

كما ألقى مدير عام مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي الدكتور مهند مبيضين كلمة قال فيها؛ إن الأردن تعامل مع معاهدة لوزان الثانية بوصفه بلدا واقعا تحت الانتداب، وبدأ أول تعامل رسمي في ضوء وثائق الدولة الأردنية التي يسميها البعض الوثائق الهاشمية، منذ العام الذي تلى توقيع المعاهدة، وكان أكثر ما دارت عليه الوثائق ما يخص المادتين 117 و139 المتعلقتين بسكة حديد الحجاز وتبادل الوثائق والمحفوظات والسجلات والخطط المتعلقة بالإدارة المدنية أو القضائية أو المالية، مشيرا إلى أن مركز التوثيق سينشر هذه الوثائق وستصدر قريبا.

وفي الجلسة الأولى التي ترأستها عضو المنتدى الدكتورة هند أبو الشعر تناول مدير مركز أورسان للدراسات الشرق أوسطية أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول الدكتور أحمد أويصال في ورقته التي حملت عنوان “موقف الإعلام القومي من المنطقة العربية عند حرب الاستقلال ضد الاحتلال الغربي في الأناضول”، ما أوردته وثائق صحفية لتلك المرحلة حول آخر جلسة للبرلمان العثماني في كانون الثاني عام 1920 ، والتي أعلن فيها الميثاق الوطني (العثماني) وإعطاء أهمية كبيرة لاستقلال شعوب المنطقة وتقرير مصيرها.

وعبر تقنية (زووم) تناول المؤرخ والباحث العراقي المقيم في كندا ومؤسس هيئة دراسات المستقبل في العالم الدكتور سيار الجميل في ورقته التي حملت عنوان “مؤتمر فرساي 1919 ولواحقه/صناعة لوزان 1923، القطيعة التاريخية للتكوين الموازي للشرق الأوسط المعاصر”؛ من خلال منهج التحقيب التاريخي في فهم العوامل الكبرى والصغرى في كيفية حدوث جملة الانتكاسات في تاريخنا الموازي للمنطقة بدءا بانقلاب الاتحاديين عام 1908 الذين أدخلوا الدولة العثمانية الحرب.

كما بين النتائج التاريخية التي أفرزتها نتائج وانعكاسات الحرب العالمية الأولى في مؤتمر فرساي عام 1919 ولواحقه من المعاهدات وأهمها معاهدة لوزان الثانية 1923.

وفي ورقته التي حملت عنوان “حرب التحرير التركية والاستقلال وتأسيس الجمهورية” تناول الباحث في الدراسات العثمانية الدكتور وليد العريضي والباحث عبدالرحمن الجدعان من جامعة اليرموك كيفية مؤسس الجمهورية التركية الحديثة نجاح مصطفى كمال أتاتورك في تحرير الأراضي التركية أو ما تبقى من أراضي الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى من الاحتلال الأجنبي، وموقف العرب والمسلمين خاصة من إجراءات اتاتورك من دستور الجمهورية التي اعلنها عام 1923.

ودعا في ورقته إلى تعميق الدراسات العربية التركية، وزيادة التواصل التركي – العربي من خلال المؤتمرات والندوات لتأسيس لشرق أوسط جديد يكون للعرب والأتراك فيه دور اكبر بعد مئة عام من معاهدة لوزان الثانية، والبعد عن بقاء تقلب العلاقات الإقليمية بين المد والجزر، وارتقائها إلى حد المصارحة والمكاشفة، والوضوح وترجمتها في سلوكهم السياسي.

وفي مشاركته بالجلسة الأولى عبر تقنية (زووم) لفت المؤرخ المغربي الأستاذ في جامعة محمد الخامس الدكتور عبدالحي الخيلي في ورقته التي حملت عنوان “حركة التحرير التركية ومقاومة الريف المغربية: 1919- 1926” إلى تزامن انطلاق الثورة الكمالية بالأناضول في 19 آذار 1919م مع ظهور حركة المقاومة والتحرير في شمال المغرب الأقصى بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي قاد ثورة كبرى ضد الاحتلال الإسباني والفرنسي واستطاع أن يهزم الجيش الإسباني في معركة أنوال سنة 1921.

ورأى أن هناك قواسم مشتركة بين حركة المقاومة والتحرير التركية والمغربية، مشيرا إلى علاقات ربطت حركة التحرير التركية بالمقاومة المغربية، ومظاهر وأشكال الدعم المتبادل بين البلدين.

كما تناول انعكاس توقيع معاهدة لوزان على استمرار مقاومة الاستعمار في المشرق والمغرب.

وتناولت عبر تقنية (زووم) الباحثة المصرية في كلية الآداب في جامعة عين شمس الدكتورة ماجدة مخلوف في ورقتها التي حملت عنوان “المفاوضات التركية اليونانية قبيل اتفاقية لوزان 1923 من خلال المضابط الرسمية” الاحتلال اليوناني لمدينة إزمير التركية في الفترة التي سبقت اتفاقية لوزان الثانية عام 1919، متطرقةإلى التسويات وإشكالياتها بين الطرفين والتي جاءت على أثر اتفاقية لوزان وأبرزها مسألة ترسيم الحدود، وجزر البحر المتوسط والمضايق، ومسألة الأقليات وتبادل السكان والأسرى، والتعويضات عن الخسائر الناجمة عن الحرب.

كما تناول عبر (زووم) الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس بفلسطين الدكتور وليد سالم في ورقته التي حملت عنوان “احلال المواطنة مكان أخرى ودولة مكان أخرى : فلسطين والدولة العثمانية قبل وبعد معاهدة لوزان”، اتفاقيات سايكس بيكو وتصريح بلفور وما تلاهما من انتداب بريطاني على فلسطين بدءا من نهاية عام 1917 وهدف لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو ما رفضته اتفاقيات فرساي لعام 1919 التي قررت أن بعض الولايات التي كانت تخضع للدولة العثمانية مؤهلة للاستقلال بعد فترة من تلقي الإرشاد والمساعدة من دولة منتدبة، وشمل هذا القرار فلسطين، لافتا إلى أن الانتداب البريطاني سار عكس قرارات فرساي.

واستهل الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور عليان الجالودي، مدير مركز يونس إمره أنصار فرات بالحديث عن أهمية عقد هذه الندوة ودورها في تعزيز العلاقات بين تركيا والأقطار العربية لا سيما الأردن.

وفي ورقته التي حملت عنوان “تركيا والعالم العربي بعد معاهدة لوزان”، في الجلسة الثانية لفت المؤرخ التركي والأستاذ في جامعة محمد الفاتح الدكتور زكريا قورشون إلى أن المعاهدة التي أدخلت تركيا إلى النظام العالمي، وضعت بعض العراقيل في طريق العلاقة بين تركيا وشركائها التاريخيين. وبعبارة أخرى، لم يكن تأثير معاهدة لوزان حصريًا على تركيا فقط، بل أمتد ليشمل الدول والكيانات السياسية التي تشكلت في الجغرافية العربية في المرحلة التي تلت انهيار الدولة العثمانية.

وعبر تقنية (زووم) لفت الباحث اللبناني وأستاذ الدراسات العثمانية في الجامعة اللبنانية بطرابلس الدكتور خالد الجندي في ورقته التي حملت عنوان “قراءة نقدية تاريخية لبنود الأقليات في معاهدة لوزان” إلى إشكاليات في بنود معاهدة لوزان، رائيا أنها هدفت للضغط على الجمهورية التركية من اجل اجراء مزيد من التنازلات للأقليات الدينية، والسماح للدول الأوروبية التدخل في شؤونها.

واعتبر أن الأقليات الدينية من غير المسلمة لم تكن مضطهدة في الدولة العثمانية وتمتعت بكامل حقوقها وممارسة شعائرها الدينية والأحوال الشخصية وبناء دور العبادة، بعكس ما جرى في دول البلقان والتي لم تطبق بنود معاهدة لوزان من احترامهم للأقليات المسلمة.

وفي ورقتها التي حملت عنوان “الديون العثمانية المفروضة على الأراضي العربية ،إمارة شرق الأردن نموذجا” تناولت المؤرخة الدكتورة هند أبو الشعر تأثير شروط معاهدة لوزان عام 1923 على إمارة شرق الأردن التي لم يكن قد مضى على تأسيسها أكثر من عامين، وذلك من خلال تقرير” أديب وهبه “مندوب حكومة الإمارة إلى مؤتمر الديون العمومية العثمانية “المنعقد في الأستانة، حيث حدد فيه نصيب شرق الأردن من الديون، وبين ملحوظاته على هذه الشروط.

وأشارت إلى المادة 50 من المعاهدة والتي تتحدث عن توزيع القروض التي تعاقدت عليها الإمبراطورية العثمانية بين 17 تشرين الأول سنة 1912والأول من تشرين الثاني سنة 1914، بين تركيا والدول التي جرى إنشاؤها حديثا في آسيا، ومنها إمارة شرق الأردن، مبينة أن المادة 52 من المعاهدة نصت على دفع المبالغ المترتبة على تلك الدول إلى” مجلس الديون” الذي يقوم بدفعها إلى الدائنين.

وعبر تطبيق “زووم” تناول مدير معهد الدراسات الشرقية المؤرخ السوري-الكوسوفي الدكتور محمد الارناؤوط في ورقته التي حملت عنوان “تبادل السكان حسب معاهدة لوزان الثانية 1923 بين تركيا واليونان وأثره على الوجود المسلم في سالونيك ويانيا”، الوجود المسلم وتراجعه بالمعنى الديموغرافي والحضاري في اليونان بعد 1923.

وفي ختام الندوة التي امتدت على جلستين خلص الباحث وأستاذ الدراسات المستقبلية في جامعة اليرموك الدكتور وليد عبد الحي في ورقته التي حملت عنوان “مستقبل معاهدة لوزان الثانية 1923 بعد قرن على توقيعها” إلى أن نظرية التمدد الزائد ستدفع تركيا للتكيف مع الواقع الإقليمي والدولي، ولكن في ظل توترات عابرة لن تصل إلى حد المواجهة، وبخاصة مع اليونان حول استغلال الطاقة في البحر المتوسط ، وتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة (EEZ).

وشهدت جلستا الندوة نقاشات وحوارات شارك فيها حضور من عدد من الوزراء السابقين والمؤرخين والباحثين والأكاديميين.


برنامج الندوة العلمية الدولية حول مرور مئة عام على معاهدة لوزان الثانية 1923-2023 تحت عنوان نـحـو شــرق أوسط آمـن (3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا على WhatApp